هذا الغرب الذي ينام فقيرُه بلا طعام، هذا الغرب الذي لا يَمْلك معايير أخلاقيَّة للتقدُّم، أو إطارًا اجتماعيًّا حقيقيًّا للتقدُّم والحضارة، والتي تحوَّلَت فيه الجريمة العشوائية والمنظَّمة إلى أرقام إحصائية مهولة، هذا الغرب الذي لم يتورَّع عن نَسْفِنا وذَبْحِنا منذ أقلَّ من 70 عامًا، بذريعة التقدُّم والحضارة والرُّقي أيضًا، هذا الغرب الذي استفتح تاريخه الحقيقيَّ بإبادة الهنود الحمر في أمريكا والزُّنوج في إفريقيا، هذا الغرب الذي لم يتكلَّم عندما كان يصطاد القبائل البدائيَّة في جنوب إفريقيا؛ باعتبارهم ليسوا بشرًا "آخر ترخيص صيد للقبائل البدائيَّة كان سنة 1979"، هذا الغرب الذي لا يملك معايير أخلاقيَّة حقيقية ليقوِّم إنسانيَّتَه، ولا هيكلَ مجتمعٍ قويًّا متماسكًا لا يملك حضارة حقيقية، فكلُّ ما نراه الآن هو طفرة علميَّة، مصحوبة بِخَلل اجتماعي، أخلاقي، إنساني، فَهُم قد دمَّروا الرُّوح وحطَّموا الإنسان.
هؤلاء الأَوْغاد الذين يَدْعون إلى التَّبعية يتجاهَلون أن ينقلوا الصُّورة الكاملة لما يريدون منَّا أن نَتَّبِع، ويتغاضون عن أدَقِّ التفاصيل في العَرْض والطَّرْح، كما يلتزمون بالكذب والتدليس على عَقْل السامع والقارئ، وبالتَّشويه والتزوير؛ لنصدِّق فعلاً أنَّ للغرب حضارةً!... فأين الحضارة؟