فِرْيَة الحضارة الغربيَّة:
يَهْدف هؤلاء العُمَلاء دومًا إلى إبْهارنا بِما حقَّق الغَرْب من إنجازات "تقنيَّة" و"علميَّة"، مُرْجِعين السبب إلى تخلِّي الغَرْب عن كهنوت الكنيسة القاصر، المعوِّق للمجتمع والحضارة، المناصر للإقطاع الاستعباديِّ الظَّالِم، واتِّخاذه سبيلَ اللاَّ دين ليتقدَّم ويتفوَّق، كما يستندون إلى تَمسُّكِنا بالـ"مظاهر" الدِّينية الرَّجعية في إطار دعواهم: أنَّ سبَب تخلُّفِنا تراجُعنا، ويعودون بأسباب التخلُّف الاقتصادي لا لسرقة فِرَقِهم الباغية الطاغية التي تَسْرق، وتدمِّرنا من الداخل، ولكن إلى أن الموظَّفين يُصَلُّون الصلوات في مَحلِّ العمل، فيقطعون وقت العمل.
ولا تزال دعوتُهم إلى التخلِّي عن أصالتنا، وفكْرِنا وحضارتنا "المتخلِّفة" منذ فَجْر الإسلام حتَّى الآن، مستشهِدين بالسقطات والكبوات، مدلِّسين التاريخ والأحداث والوقائع، مكذِّبين كاذبين على الأشخاص، كمبرِّر للتخلِّي عن هذا التاريخ، واستنكارهم تدميره في نفوسنا، فهم يهدفون إلى الإنكار والتبرُّؤ مِن هذا الأصل التاريخي في نفوس الشَّباب والمجتمع، من قبيل الاستعداد لِهَجْره وإعدامه، وهم بذلك إنَّما يوحون إلى المتلقِّي بِدُونيَّته الحضاريَّة والتاريخية، وعدم أهليَّتِه في المنافَسة الحضاريَّة، أو المُجاراة في العلم والتقدُّم التقني، "متجاهلين أنَّ جحافلَهم المتمَركزين في مؤسَّساتنا التعليميَّة والجامعية والبحثيَّة يدمِّرون ويحطِّمون البِنْية التحتيَّة للتقدُّم والعلم، ويُرْسون مبادئ التبعيَّة الحضاريَّة في نفوس الأجيال"، مُرْجِعين السبب إلى تَمسُّكِنا بالرجعية "الإسلام".
هذا الإسلام الذي يوحون أنَّه يقيِّد مفاصِلَنا الحضاريَّة، ويعوق تقدُّمَنا الفكريّ، ويعجزنا علميًّا وثقافيًّا وتاريخيًّا، ويخلِّفنا اجتماعيًّا، هو الهدف الحقيقي لهؤلاء الخِسَاس الأوغاد، فهم يستهدفون سَلْخ الإسلام عن الأرواح بعد أن سلَخُوه عن المؤسَّسات والدَّولة، والتاريخ والمجتمع.
ولكن ماذا يقدِّمون من بدائل: إنَّهم يقدِّمون التبعيَّة الحضاريَّة، بدلاً عن المنافسة والتحدِّي، إنَّهم استنكروا على شعوبنا الجرأة؛ لتتقدَّم وتتحضَّر، باسْمِ الإسلام.
ولكن مَن نتَّبِع: هل التبعيَّة الغربيَّة هي الحلُّ! ولكن السؤال الأجدى: هل للغرب حضارة؟!