إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وبعد:
إن الإسلام دين السماحة واليسر ، ومن يسر الإسلام وسماحته أن جعل للناس أيام فرح وسرور ، ومن هذه الأيام أيام عيد الفطر وعيد الأضحى فما أحوجنا إلى معرفة آداب الأعياد في الإسلام0
الأعياد في الإسلام عيدان اثنين لا ثالث لهما:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنه قال : « كان لأهل المدينة في الجاهلية يومان من كل سنة يلعبون فيهما ، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم : قال : كان لكم يومان تلعبون فيهما ، وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما : يوم الفطر ، ويوم النحر»([1])0
ففي هذا الحديث يبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الأعياد في الإسلام عيدين اثنين هما عيد الفطر المبارك ، وعيد الأضحى ، فلا يعرف الإسلام الأعياد الأخرى التى أحدثها الناس من عيد الربيع ، وعيد الحب ، وغيرهما من الأعياد
فينبغي على المسلم التزام ما أمر به الله عز وجل ، وما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، والبعد عما نهى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم عنه حتى يسعد في الدنيا والآخرة0
من آداب العيد:
إن للأعياد في الإسلام آداباً كثيرة أرشدنا إليها المصطفي صلى الله عليه وسلم وحثنا على التحلي بها ومنها:
1- أداء الصلاة قبل الخطبة:
عن ابن عمر رضي الله عنهما: « أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يصلون العيدين قبل الخطبة »([2])0
وعن جابر رضي الله عنه قال : « شهدت النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة »([3])0
عن ابن عباس رضي الله عنه قال : « شهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ومع أبي بكر وعمر فبدءوا الصلاة قبل الخطبة »([4])0
وعن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال :
« شهدت عمر في يوم نحر بدأ بالصلاة قبل الخطبة ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن صيام هذين اليومين ، أما يوم الفطر ، ففطركم من صومكم وعيد للمسلمين » ، قال : ثم شهدت عثمان في فطر ويوم جمعة بدأ بالصلاة قبل الخطبة فقال : إن هذين عيدان اجتمعا في يوم »([5])0
2- يستحب للإمام تخيير الناس في الجلوس للخطبة أو الانصراف:
عن عبد الله بن السائب رضي الله عنه قال : حضرت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا العيد ، ثم قال : « قد قضينا الصلاة ، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب »([6])0
3- الأكل والشرب في يوم العيد:
عن موسى بن علي عن أبيه أنه سمع عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن يوم عرفة ، ويوم النحر ، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب »([7])
4- يستحب الاغتسال والتطيب في يوم العيد:
كان ابن عمر رضي الله عنهما: « كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى »([8])0
وعن عبيد الله بن عمر رضي الله عنه قال : أخبرني نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما: « كان يغتسل للعيدين ، ويغدو قبل أن يطعم »([9])0
وعن الجعد بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال : « رأيت السائب بن يزيد يغتسل قبل أن يخرج إلى المصلى »([10])0
وعن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما: كان يغتسل ويتطيب يوم الفطر0
عن سعيد بن المسيب أنه قال : « سنة الفطر ثلاث : المشي إلى المصلى ، والأكل قبل الخروج ، والاغتسال »([11])0
5- يستحب الأكل في يوم عيد الفطر قبل الصلاة:
عن ابن المسيب قال : « كان المسلمون يأكلون يوم الفطر قبل الصلاة ، ولا يفعلون ذلك يوم النحر »([12])0
وعن ابن المسيب قال : « لا تغدوا ([13]) يوم الفطر حتى تأكلوا ، ولا تأكلوا يوم النحر ([14]) حتى تذكوا أو تنحروا ([15]) »([16])0
قال مالك : « وكان الناس يؤمرون أن يأكلوا قبل أن يغدوا يوم الفطر ، وعلى ذلك أدركت الناس »0
وعن أنس رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمراتٍ ، ويأكلهن وِتراً " ([17])0
قال المهلب: الحكمة في الأكل قبل الصلاة أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلي العيد فكأنه أراد سد هذه الذريعة 0
وقال غيره: لما وقع وجوب الفطر عقب وجوب الصوم استحب تعجيل الفطر مبادرة إلى امتثال أمر الله تعالى ويشعر بذلك اقتصاره على القليل من ذلك ولو كان لغير الامتثال لأكل قدر الشبع([18])0